العلاقة مع الغير
الشيخ حسين عليان
عرفت أن الإنسان بفطرته وطبعه يدرك ضرورة إقامة العلاقات مع الغير من بني جنسه، وهذا يتطور إلى ما هو أبعد من حدود الفطرة والطبع بحسب النمو العقلي والثقافي عند الإنسان ، وعلى ضوء القاعدة التي إعتمدناها كأساسٍ في هذا التوجيه وهي آلية تنظيم تلك العلاقات، فإن تنظيم العلاقة مع الغير ميزانها النفس، وهذا نستفيده من كلامٍ للإمام علي (ع) في حديثه عن ذلك، فيقول: ( إجعل نفسك ميزاناً بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلم كما لا تحب ان تظلم ، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ، وارضَ من الناس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك ).
في هذا التوجيه الهادف إلى تنظيم العلاقة مع الغير يُبين الإمام (ع) مجموعة نقاطٍ يمكن أخذها على الشكل التالي :
بما أن الإنسان بطبعه يحب الخير لنفسه ويكره لها الشر فيمكن أن يجعلها ميزاناً لأقواله وأفعاله في مقام التعامل مع الغير فيعرض قوله وفعله على نفسه فإن أحبه لها عليه أن يحبه لغيره وإن كرهه لها عليه أن يكرهه للآخرين لذلك قال : ( أحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها ) .
فأنت تكره أن تُذكر بسوء وتكره أن يعاملك الآخر بالقسوة والعنف ويتكبر عليك ويذلك ويهينك .... هذا الذي تكرهه لنفسك يجب أن تكرهه للآخرين وتحب أن تبادل بالإحترام والمحبة والمودة واللين ... أيضاً عليك أن تعامل الآخر بنفس الأسلوب أنت ترفض الظلم لنفسك يجب في المقابل أن لا تظلم الآخر أنت تحب أن يُحسن إليك فعليك أن تُحسن للآخر وأنت تستقبح كلام الفحش والسب والشتم ... فعليك أن تحذر صدور ذلك منك وهكذا في كل حال من الأحوال إجعل نفسك هي الميزان في علاقتك مع غيرك فإنك كما تَدين تُدان .
فهذه التوجيهات التربوية عندما نروض أنفسنا عليها ونلتزم بتطبيقها نكون قد راعينا قواعد تنظيم العلاقة مع الآخر، وهذا الأمر يجري بين الفرد والفرد الآخر، وبين الفرد والجماعة ، وبين الجماعة والجماعة الأخرى ، وبين المسؤول والرعية ، وهكذا فإنه نظامٌ عامٌ يمكن لكل فردٍ أو فئةٍ كبيرة كانت أم صغيرة أن تراعي تطبيقه لتطمئن إلى حُسن سلوكها مع الآخرين .