rami Admin
عدد المساهمات : 436 نقاط : 1385 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 10/01/2011
| موضوع: مجدداً نخشى تراكم مواد التفجير 3/9/2020, 10:42 am | |
| 04.09.2020مجدداً نخشى تراكم مواد التفجير بقلم الشيخ حسين عليان رافقت فاجعة إنفجار المرفأ في بيروت أخبار وتحليلات واتهامات تقاسم اللبنانيون والعديد من الدول والمنظمات.. أطراف حديثها . وقد سمعنا أن سبب هذه الكارثة وجود كمية كبيرة من المواد القابلة للإنفجار تسمى :
(نترات الأمونيوم ) ونحن لسنا من أهل الخبرة والإختصاص في هذا المجال لنخوض مع الخائضين في الأسباب والمسببات والعلل والمعلولات في الإنفجار وآثاره العائمة على سطح بحر من الهلع والوجع . ولكننا في هذه الأجواء المشحونة نود لفت العناية الى مسألة بغاية الأهمية تقع في دائرة مسؤوليتنا كحملة رسالة دينية وإنسانية فنقول : قد لا نكون خبراء في السياسة ، وقطعاً لسنا خبراء في مواد التفجير وسواها من القضايا المرتبطة بهكذا مجالات علمية لها أهلها وخبراؤها المختصون .. ولكننا خبراء في هموم الناس ومشاكلها الإجتماعية وحاجاتها الحياتية ، وخبراء أيضاً في البناء التربوي الذي يرسخ في الحياة الإنسانية مباني الأخلاق والقيم والمبادىء التي يسمو الإنسان من خلالها في عالم السماحة والفضيلة ويترفع عن الرذيلة والخضوع لأنانية الذات التي تسجن قوته التفكيرية والعملية في إهراءات الجشع والطمع .. وأمام هذه المأساة وما سبقها نلفت انتباه الجميع الى وجود كمية ضخمة من مواد التفجير الأشد والأكثر فتكاً والتي الى يومنا هذا لم تحصل أي مبادرة للعمل على إزالتها ألا وهي (نترات الحقد والكراهية) التي تتراكم يوماً بعد آخر في القلوب والنفوس لتتجاوز في قوة تأثيرها أي نوع من مواد التفجير المدمرة . لذلك أرى أنه من الواجب علينا جميعاً على اختلاف مسؤولياتنا وانتماءاتنا السعي الجاد لإزالة هذه المواد التي تهدد حياتنا وثقافتنا وتاريخنا ومستقبلنا قبل أن نصل الى يوم لا ينفع فيه الندم . ويجب أن ندرك بأن الإنتصار الحقيقي الذي يمهد لحياة صحيحة وسليمة والذي يُنهي كل خلاف هو الفوز في معركة الصراع داخل نفوسنا حيث تتنازع قوتي الخير والشر ، لذلك علينا أن ننطلق الى بناء الحياة النظيفة من مخاطر التفجير المدمر ونعمل بعقلانية ووعي ونخضع في حركتنا التفكرية والعملية لضمائرنا ، وننحاز لإنسانيتنا ، وندرك في هذا المسير أن كل قوة مادية مهما بلغ حجمها ونوعها بمعزل عن القيم التي تقدم ذكرها لن تفلح في تأمين الأمن والإستقرار والعدالة التي يطمح الإنسان إلى وجودها ويرغب في تحقيقها . وهذا الأمر يمكن أن نستفيده من خلال قراءة عامة لحركة الإنسان ماضياً وحاضراً ونخلص بعد ذلك الى نتيجة واضحة وموعظة بليغة لعلّنا نستطيع أن نبني عليها فهمنا لمواضع الخطأ والصواب والنجاح والفشل . وبتأمل بسيط ندرك أن الإنسان قطع شوطاً طويلاً في الإكتشافات العلمية وتمكن من تسخيرها في الصناعة والزراعة والهندسة والبناء والطب والدواء والغذاء... وعلى سبيل المثال تمكن الإنسان من صناعة السيارة والقطار والطائرة والسفن العملاقة وغيرها من وسائل النقل حتى بلغ في حركته الوصول الى القمر واكتشاف العديد من الكواكب والمجرات .. وتمكن من صناعة المعدات الضخمة التي ساعدته في شق الجبال والتنقيب في أعماق الأرض فاستخرج منها الماء والوقود والمعادن وغيرها.. وتمكن من تطوير وسائل الإتصال بالحرف والصوت والصورة... فضلا عن المجالات المعرفية الأخرى التي يطول الحديث في تعدادها . والملفت في حركة التطور هذه المدة الزمنية القصيرة مقارنة مع تاريخ بداية وجود الإنسان على كوكب الأرض فنلاحظ أن هذا التطور برز مطلع القرن المنصرم ليمشي بعد ذلك بسرعة كبيرة جداً ويتجلى بما هو عليه في واقعنا الحاضر . ورغم هذا التقدم الهائل في قيمته العلمية والعملية ما زال الإنسان يبحث عن الحياة في الحياة ويطوق الى عيش كريم يشعر فيه بالراحة والأمن والطمئنينة ليس فقط في الدول التي تشهد النزاعات والحروب بل أيضاً في عمق الدول النامية والمتقدمة في التطور والإزدهار ، فهذه الدول واجهت هي الأخرى مشاكل التطرف والتفجير والقتل والإرهاب ... رغم ما هي عليه من تقدم في التنظيم والإدارة والعلم والمعرفة والصناعة والزراعة ووو .. وهنا يواجهنا السؤال المركزي ـ ما سر عجز الإنسان عن تحقيق الآمال المرجوة في الأمن والسلام والعدالة ...رغم امتلاكه هذه القوة العلمية والمادية التي من شأنها المساهمة الكبرى في تحقيق الآمال الإنسانية ؟ والجواب من وجهة نظري أن العجز مرتبط بوجود الحائل بيننا وبين النجاح في هذه المهمة الإنسانية وهو سقوطنا كبشر في معركة الصراع مع نوازع الشر في أنفسنا وعدم إعطاء المناهج التربوية والأخلاقية نفس القيمة التي أعطيناها للجوانب المادية وعدم ايلاء الإهتمام للفكر الديني المعتدل وأهله القادرون على التأثير في تقويم الإعوجاج وتقييم النتائج بغية التعديل والتصحيح بما ينسجم مع القيم الإنسانية والتعاليم الدينية الهادفة الى استقامة الإنسان وخضوعه لمنطق العقل السليم وموازين الفضيلة والسماحة . إن هذا الأمر جعل الطمع والجشع ومعهما جيش من الكراهية والحقد والبغضاء والأنانية والتكبر ... يشمخ في النفوس لينبثق عنه سفك الدماء والفساد الذي أنتج فقراً ودماراً وتهجيراً وجهلاً .. في سلسلة زمانية توارث البشر فنونها السيئة منذ أول جريمة دموية وقعت بين أفراد أول أسرة سكنت هذه الأرض وما زالت مستمرة الى زماننا . وقد نجد أن هذه العملية الاصلاحية الضخمة صعبة المنال على مستوى المجتمعات البشرية جمعاء وقد يراها البعض مستحيلة والبعض الآخر قد يراها محض وهمٍ وخيال ... ولكن الممكن فيها حتماً السعي لأجل تحقيقها في وطننا الصغير بمساحته الجغرافية الكبير بإنسانه الذي يستحق وبجدارة من ولاة أمره وساسته العمل الجاد لتوفير حياة كريمة له بدل حقنه بمواد التفجير الذاتي بعيارات متنوعة الفئات الخفيفة منها والمتوسطة والثقيلة . وهنا نقول للمسؤولين : إبحثوا في شعبكم ففيه العلماء والأدباء والخبراء والنزهاء وأصحاب أدمغة علمية وفكرية وإبداعية ... إنها طاقات مهجورة أو مهدورة بادروا الى الاستفادة منها علّنا نتحرر من هذا الواقع المرير ونفلح في مداواة الجراح ونفيق الى وطن ما زلنا نطمح إلى نهوضه من تحت ركام وجع أتعبنا وأرهقنا طول مكوثه . آب 2020 | |
|