_ تنظيم العلاقات بين بني البشر
الشيخ حسين عليان
دعت الأديان إلى جعل الإنسانية هي المحور الرئيسي في العلاقات البشرية والتي تشكل عنصراً مشتركاً بين بني البشر ، فقال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( الحجرات \ 13 ).
ومن خلال هذه الآية المباركة نعرف أن الدين يدعو إلى ترسيخ مبدأ التعارف الذي يتولد منه المحبة والإلفة، وهذا يساهم في بناء العلاقات المتبادلة على أساس إنساني لأن النداء كما لاحظت يشمل كل إنسانٍ بغض النظر عن لونه وعرقه وإنتماءه وصفته .
وعندما نقرأ في عهد الإمام علي (ع) لمالك الأشتر وصيته الخالدة ندرك تماماً القيمة العملية لهذا الجانب فيقول : ( ولا تكونن عليهم سَبُعاًَ ضارياً تغتنم أُكُلَهُم فإنهم صنفان إما أخٌ لك في الدين وإما نظيرٌ لك في الخلق ).
الإمام يوصي وزيره أن يتعاطى مع الناس المرسل إليهم على أساس الحقوق والواجبات من غير تفريقٍ، وهم على مستوى الإنتماء ينقسمون إلى قسمين: إلى مسلم وغيره، وكل قسم منهما يقع تحت المسؤولية والواجب، فإذا لم يكن الدين هو الجامع بينك وبين الآخر فإن الإنسانية هي الجامع .
وبناءً على الذي تقدم أصبح بإمكانك أن تميز أن الإنسانية عنصرٌ مشترك وركيزة يمكن التأسيس عليها لإقامة العلاقة مع الآخر. وقد ركزنا على هذا المعنى في هذه المقدمة لأن معظم العناوين التي سنتناولها في هذا المقام تقع تحت عنوانٍ ديني وهو في الواقع لا يخالف أبداً التوجه الإنساني، بل ينسجم معه، ومن جهة
ثانية حتى لا يعتبر القارئ أن العلاقة تصح فقط مع بني قومه دون الآخرين.