_ الروابط الإنسانية
الشيخ حسين عليان
يدرك الإنسان بالفطرة والطبع أنه بحاجة لبني جنسه ، وإذا لاحظنا مرحلة ما قبل الوعي والإدراك من عمر الطفولة فإننا نجد حركة إندفاعية وتفاعلية عند الطفل بمجرد نظرته إلى طفل آخر ، ونجد هذا التفاعل والإندفاع لديه مع من هو أكبر أو أصغر منه . وبمجرد أن يدب فيه الوعي يتحرك لإختيار الأصدقاء فيميل إليهم بحالة عاطفية تظهر من خلال تقاسيم وجهه وحركاته ، وهذه الحالة العاطفية تمتد معه وتتبدل بطبيعتها وهيكليتها بحسب مراحل النمو الفكري والجسدي عنده .
وفي مرحلة الإدراك ينطلق في الحياة لبناء علاقاته مع الآخرين وفق ما يحمل من آمال وطموح . وما ذكرناه لعله يدخل في بديهيات المسائل ، والمهم ليس ما أدركناه بالفطرة وعرفناه بداهة ً، فالأمر الذي يجب أن نركز عليه هو تنظيم تلك العلاقات وفق الأسس والمعايير الإنسانية والدينية لنصنع من ذلك ما فيه صلاح الفرد والمجتمع .
النقطة الثانية التي نلفت النظر إليها هي أن الثقافة التي يكتسبها الإنسان تلعب دوراً مهماً في حركة العلاقات المتبادلة ، فمثلاً الثقافة العرقية القائمة على مبدأ التعصب تدفع حاملها إلى تفضيل بني قومه على الآخرين بغض النظر عن صلاحهم وفسادهم بل أحياناً رفض الآخرين بالمطلق، وثقافة الطبقية القائمة على أساس رفض من هو دونه، والثقافة القومية المنغلقة التي يجري فيها تقريباً ما يجري في الثقافة العرقية، والأمثلة على ذلك كثيرة .
النقطة الثالثة هي إقامة العلاقات على أساس المصالح الشخصانية، وهذه الحالة تحصل للذين ينصاعون لغرائزهم ،فيكون المبدأ لديهم في تأسيس العلاقات المنافع الخاصة، وبإنتهاءها تنتهي العلاقة ،ولا فرق في هذه النقطة بين الأفراد أو التجمعات البشرية التي تكون في دوائر محددة ومعينة نظير مايصنعه الزعماء بأتباعهم أو القوى الحزبية.