بناء الشخصية الإنسانية / بقلم الشيخ حسين عليان
بعد أن تحدثنا عن أهمية العلاقات والروابط بين بني البشر ننتقل للحديث عن جانب بناء الشخصية الإنسانية والصفات التي يجب أن تتوفر فيها ونمهد لهذا بما يلي :
_ من شب على شيء شاب عليه …
- قل لي من تعاشر أقل لك من أنت …
- قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته …
- لكل امرئٍ من دهره ما تعود …
كثيرة هي الحكم والمواعظ التي تفيدنا في مقام الاعداد العلمي والتربوي والسلوكي للناشئة وترشدنا الى آلية العمل معهم ، في هذه المرحلة التي تشكل بداية التأسيس للحياة المستقبلية .
فالإنسان يولد وهو لا يعلم شيئاً سوى اهتداءه بواسطة الفطرة الى أسباب الحياة ولو كان طفلاً رضيعاً ويبدأ هذا الإنسان بتلقي العلوم وتحصيلها واكتساب العادات والتقاليد بشكل تدريجي تبعاً لمدربه ومعلمه في المرحلة الأولى وهو الأم والأب ومن ثم العائلة والمحيط .
وهذا التلقي والاكتساب يؤسس لشخصيته المستقبلية التي تميزه عن الآخر من بني جنسه .
ومن هنا تعتبر هذه المرحلة التأسيسية من أدق المراحل لأن بناء الشخصية يتبع لها في الصلاح والفساد .
وننبه الى ان وجوب الاعتناء الفائق بالإنسان تربوياً يجب أن يستمر إلى مرحلة بلوغه سن الرشد. فالاعتناء في كل تلك المراحل التأسيسية والتكميلية مطلوب بما يتناسب مع النمو العقلي والجسدي للإنسان .
بعد هذا التقديم نعرف أن شخصية الإنسان لا تولد فجأة فهي تمر بأطوار ومراحل عديدة كما يمر الجنين في بطن أمه ، منذ انعقاده نطفة الى ان يبصر النور في هذه الحياة .
ولعله من الجائز ان نقول :ان الانسان يولد جسداً من رحم أمه وتولد شخصيته بما فيها من خصائص من رحم الحياة . ففي المرة الأولى لولادته الجسدية يعاينه الأطباء المتخصصون بعلم الأبدان للتأكد من سلامة جسده بما فيه من اعضاء .
وفي المرة الثانية يعاينه العقلاء والحكماء ليرتبوا حكماً على شخصيته باعتبار علمه وأخلاقه وسلوكه …
وبناءً على ما تقدم نعلم أن المعرفة عند الإنسان هي نتيجة جهد كبير حصل بعد مروره بمراحل طويلة عاشها في التلقي والاكتساب وبذل الجهد الى ان وصل لمرتبة المعرفة والحكمة .
وبإمكانك الآن ان تستخلص فكرة عامة مفادها : ان المعرفة والحكمة لا توهب ولا تمنح ولا تباع ولا تشترى فهي كالشجرة التي تمتد جذورها في الارض تغذيها ملايين الشرايين من نفس المكان الذي زرعت فيه بذرة صغيرة .