التـربيـة
التربية الصحيحة من أقدس الواجبات الدينية والإنسانية وهي الوسيلة الوحيدة لصناعة الفرد والمجتمع على طريقة سليمة وصالحة، وهنا عندما نحاول إلقاء المسؤولية في هذه المسألة على جهة معينة في المجتمع هذا ليس صحيحاً ، لأن هذه المهمة يتحمل مسؤوليتها الجميع فمثلاً الأم تتحمل المسؤولية في مجالها، والأب في مجاله والمعلم والمدير أيضاً والمربي والمرشد ، وهذا فإن كل فعاليات المجتمع تتحمل هذه المسؤولية إلا أن مسؤولية البيت أي الأب والأم تبقى الأكثر فعالية لأنهم على إطلاعٍ دائم على ما يجري مع أولادهم لذلك يجب على الأبوين أداء هذه المهمة ويقول الإمام علي بن الحسين (ع): ( وحقُ ولدك أن تعلم أنه منك مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وإنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مشاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ).
إذاً الولد له حق كبير على والديه فعندما يأخذ من المدرسة الأبوية تعاليم الخير فإن هذا الخير مرده على الأبوين وينسب لهما، وإذا أخذ منهم تعاليم الشر فأيضاً ينسب لهما هذا في الدنيا وفي الآخرة أيضاً لأن الخير والدلالة على طاعة الله عز وجل فعلى ذلك الأجر الجزيل من الله تعالى في الآخرة وهذا يرجع فضله إلى علمه بذلك .
إن اللامبالاة بالأولاد وعدم توجيههم إلى الطريق الصحيح وعدم تربيتهم التربية الحسنة وعدم محاسبتهم على السلوك السيئ يؤدي بهم إلى بؤرة الفساد وإلى إختيار أصدقاء السوء .
إن تخلي الأم عن دورها وواجباتها وإنشغالها بالأمور الأخرى كقضاء كل وقتها خارج المنـزل أو التحدث على الهاتف أو إنشغالها بالعمل والدراسة وعدم إهتمامها ورعايتها لأسرتها يؤدي إلى تفككها ، فيجب على المرأة أن تكون واعية لما عندها من مسؤوليات وإلتزامات تجاه بيتها وأسرتها إلى جانب عملها أو دراستها .
فالأولاد بحاجة إلى الأم بقربهم إلى حنانها إلى إرشادها لأنها هي ينبوع العطاء منها نأخذ مداد الحياة وبنورها نشق دروب الظلمة ، وهي التي تصنع وتبني الأجيال. غياب الأب عن منـزله يحتم على الأم أن تتحمل الدور الأكبر في تربية أولادها. قد يضطر بعض الآباء أن يغيبوا عن البيت لتحصيل لقمة العيش أو لجمع بعض الدراهم لأبنائهم ، ولكن لا يجب عليهم أن يغفلوا عن تربية وتوجيه أولادهم لأن وجود الأب في الأسرة هو كوجود الروح في الجسد وهو العمود الفقري الذي يحمي عائلته من الشلل وهو ميزانٌ عادلٌ وحكمٌ فاصل همه الوحيد بناء الأسرة الصالحة التي تشكل جزءاً من المجتمع الكبير، وبالتالي نفهم أن الأب هو الركن الأساسي الذي يقوم عليه مجتمع الحياة . فالأب هو المجاهد الذي أحبه الله وقبل يده رسوله، لقد منحه الله صفة الربوبية ضمن إطار مسؤوليته عن الأسرة حين حاز على لقب رب العائلة وبدونه يتحول مجتمع الأسرة إلى مجتمع سائب ومتفكك تتلاعب به تيارات الزمن وفتن الدهر