واقعة بدر الكبرى ـ بقلم الشيخ حسين عليان ـ
سلسلة دروس المرحلة المتوسطة
نعيش في هذا الشهر المبارك في أجواء مجموعة من المناسبات التي تشكل برمزيتها العبرة والموعظة التي نحتاج إليها في واقعنا العملي ومن هذه المناسبات البارزة ، معركة بدر الكبرى
هذه المعركة التي كانت مفصلاً أساسيا في حياة المسلمين فعندما نتحدث عنها لا بد من تسجيل بعض النقاط الجوهرية التي نستفيد منها في حركة مجاهدة أنفسنا ومواجهة نوازع الشر فيها ..
1ـ معركة بدر وقعت في أول عامٍ صام فيه المسلون شهر رمضان المبارك .
2ـ الإمكانيات المادية والبشرية عند المسلمين كانت قليلة مقابل الإمكانيات الكبيرة عند العدو .
3ـ إستعد العدو للمواجهة بعد تعبئة قواعده الشعبية وتجهيز قواته العسكرية
بالإضافة إلى هذه النقاط هناك نقاط أخرى يمكن للباحث أن يختارها للحديث عنها ولكننا نحاول أن نركز على المسائل التي نستفيد منها في بناء الذات وتعزيز الإرادة في مواجهة الشرور والانتصار عليها وبناء على ذلك نبدأ بالنقطة الأولى :
1- المعركة في شهر رمضان :
حين نقرأ في صفحات تاريخ بدر ، نجد أن مجتمعاً لا يزال في طور التأسيس يتلقى بلاغاً من قائده بوجوب صيام شهر كاملٍ من كل سنة وهو شهر رمضان وفي نفس الوقت الذي يُطبق فيه المسلم هذا الإلتزام يُطلب منه أن يخرج إلى مواجهة مسلحة مع العدو .
هذا يعني أن النبي (ص) يريد أن يدلنا على المعنى الحقيقي للصوم وأن هذا الواجب هو بداية المواجهة مع الذات ليعد المسلم نفسه إعداداً داخلياً وهو في قلب العبادة والتواصل مع الله تعالى ، وبعبارة أخرى يريد أن يعلمه كيف يحول هذه العبادات إلى سلوك في حياته .
وهذا الأمر يدلنا بوضوح على المغزى من تشريع الصوم وأن هذا التشريع هادف إلى تحصين الذات وترويضها على الفضيلة تمهيداً لتحرير المجتمع من عناصر الظلم والفساد ...
2- الإمكانيات القليلة :
عرفت ان الجيش الإسلامي لا يزال في طور البناء وهو لا يملك الإمكانيات التي تؤهله لخوض المواجهات الضخمة مع العدو ، ومع ذلك أراد النبي (ص) أن يبين للمسلم سر الانتصار على العدو وأن كثرة العدد والعدة لا يكفيان فالإنتصار يتحقق بالإرادة المصممة على التغيير والإرادة المنبثقة عن الإيمان . وبالإرادة والإيمان انتصر الجيش الإسلام في بدر .
3- التحضيرات المسبقة عند العدو :
استعد المشركون وهيئوا أنفسهم لمدة طويلة وهيئوا الناس وأقنعوها بأهمية مواجهة النبي (ص) وجيشه الضعيف بحسب اعتقادهم ، فانتفض المجتمع الوثني لتلبية النداء وفي المقابل المسلمون كما اطلعت كانوا لا يزالون في طور بناء مجتمعهم الجديد ومع كل ذلك تمكنوا من تحقيق الإنتصار .
وفي ذلك اليوم العظيم أنزل الله تعالى قوله {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} آل عمران /123 .
ـ دروس وعبر :
نستفيد من معركة بدر التي خاضها المسلمون الأوائل وحققوا فيها الإنتصار على العدو الذي كان يمتلك القدرات المادية والبشرية عدة دروس نختار منها النقاط التالية :
1- استطاع المسلمون بقيادة رسول الله (ص) أن يُعطوا المعنى الصحيح للعبادة التي حولوها إلى سلوك جهادي في نفس وقت أدائها .
2- حارب المسلمون بالإيمان المطلق والثقة بالله عز وجل لأن الإنسان المؤمن بأن الله ينتصر للمخلصين وينتصر للمجاهدين وهو لا يخيب ظن عبده به .
3ـ صمم المسلمون على تحقيق الأهداف التي آمنوا بها بإرادة منبثقة عن الإيمان المطلق بالله تعالى
4- يجب أن لا يغيب عن بالنا أن معركة بدر وقعت في شهر رمضان المبارك يعني أثناء أداء فريضة الصوم وهذا يفيدنا أن الصوم بجوهره ليس ابتعاداً عن المأكل والمشرب بل هو أبعد وأعمق من ذلك بكثير فالصوم الذي نستفيده من البدريين معناه الإنتصار على الذات وامتلاك العزيمة والإرادة والشعور بالواجب تجاه الإنسان والرسالة والوطن .