ـ سؤال عن مراسم عاشوراء
فضيلة الشيخ حسين عليان الجليل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س ـ أحب أن أتوجه إليكم ببعض التساؤلات وأرجو أن تتقبلها مني كونك إنسان مؤمن بالحوار
1ـ يتم سنويا" إحياء ذكرى عاشوراء,حيث يتشح الناس بالسواد ويقيمون المجالس العاشورائية,أليس في ذلك مخالفة للشرع حيث لا يجوز الحزن فوق ثلاث؟
2ـ الرسول الاكرم (ص)قائدنا وقدوتنا,كيف تصرف عندما مات ولده,فلذة كبده؟ألم يقل:إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإننا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون؟
3ـ ماقولك في التطبير؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جانب الأخ نبيل يقطين المحترم أشكركم على توجيهكم لنا هذا السؤال بصيغته المحترمة ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للإجابة عليه .
ج ـ نهى النبي (ص) عن الحداد بعد الثلاث وليس عن الحزن الذي يصيب الإنسان في حالات فقد الأعزاء والأحباء وغيرها من موجعات الأحداث التي تؤلم الإنسان نظير ما حصل مع النبي يعقوب (ع) كما يحدثنا عن هذا الأمر القرآن الكريم فيقول تعالى(وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) وبالإضافة إلى ذلك هناك الكثير من الشواهد على هذا الأمر لا داعي للإطالة في بيانها لشدة وضوحها . وأما إحياء الذكريات التي تعود منافعها على الأحياء بعميم الخير والفائدة من خلال الإستفادة من التجارب والأحداث الواقعة في الماضي والإتعاظ والإعتبار ممن سبقنا في هذه الدنيا فلا تكون مشمولة لذلك النهي (لا حداد بعد ثلاث ) وبناء على ما تقدم لا يصح الخلط بين الأمرين . ولعل من أبرز فوائد النهي عن الحداد بعد ثلاث المحافظة على استمرار حياة الأحياء وعدم تعطيل حركتهم عند فقد الأعزاء والأحباء فالنبي (ص) يرشدنا إلى طريقة تنظيم حياتنا وعدم تعطيلها ولذلك نهانا عن الحداد بعد ثلاث .
وأما فيما يعود للبس السواد فالمسألة لا تخرج عن دائرة التعبير والتذكير بما جرى على الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه لنأخذ درساً مفاده أن السكوت عن الظالم والتقاعص عن نصرة المظلوم يؤدي إلى ما حصل في كربلاء في مثل هذه الأيام . وفيما يتعلق بسؤالكم عن اقامة المجالس الحسينية في عاشوراء فهذا ليس من باب الحداد وإنما يصب في خانة الإستفادة من المحطات التاريخية خاصة إذا كانت تحمل قيماً رسالية سامية كقضية الإمام الحسين (ع) التي يمكن أن نلخص عناوين فوائد إحيائها في النقاط التالية :
1ـ استنكار أبشع جريمة ارتكبت بحق أهل بيت النبي (ص)
2ـ العودة إلى الأهداف التي رسمها الإمام الحسين في حركته الإصلاحية للإستفادة منها في كل زمان ومكان
3ـ التفريق بين النتائج والأهداف . فالأهداف رسالة حسينية مستقاة من الكتاب والسنة وأما النتائج المأساوية التي حصلت في كربلاء وما بعدها فهي من صنع النظام الجائر .
4ـ التعلم من الإمام الحسين (ع) كيف نرفض ظلم الحاكمين وندافع عن الفقراء والمحرومين ونثبت على قول كلمة الحق وإن أدى ذلك إلى الإستشهاد في سبيل الإصرار على ما يرضي الله تعالى
وفي جميع الأحوال فإن إحياء ذكرى عاشوراء هي عودة إلى مدرسة نتعلم منها فنون الرسالية في اتباع الحق وسلوك مسلكه مهما كان صعباً وشاقاً .
وأما مسألة التطبير فإني أضم صوتي إلى كل من نادى بالإقلاع عن هذه العادات واستبدالها بالتبرع بوحدة دم عن روح الإمام الحسين (ع) لمحتاج بدل هدرها من غير فائدة .
أسأل الله تعالى أن أكون قد أجبت عن أسئلتكم بما يكفي وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الشيخ حسين عليان ـ لبنان ـ بتاريخ : 7/محرم/1432هـ
الموافق 12/كانون أول/2010م