رسالتنا الإسلامية ـ بقلم الشيخ حسين عليان ـ للمرحلة المتوسطة
أرسل الله إلى الناس أنبياء ورسلاً منهم يُبلغون تعاليمه وأحكام دينه ، ورغم تعدد الأمكنة وتناوب الأزمنة واختلاف الألسن كان المشروع والهدف الذي حمله جميع الرسل والأنبياء واحدا .
فالرسالات السماوية على اختلاف مراحلها الزمنية فقد وجهت دعوتها الإنسان إلى التسليم بوحدانية الله تعالى والعمل وفقاً لتعاليمه الداعية إلى تحقيق العدالة والمساواة وزرع المحبة والإلفة بين بني البشر.
وأكدت أن الفرق الجوهري بين إنسان وإنسان آخر لا يكون إلا بالعمل ، ونهت عن تصنيف الناس بناء على واقعهم التكويني مثل اللون والشكل والجنس واللغة والنسب .... أو وفق العناصر الطارئة على الإنسان مثل الغنى والفقر والجاه ....
وهذا المعنى نجده في قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ".
وفي قول النبي (ص) : "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ".
الآية المباركة تدلنا بوضوح على معرفة الأفضل من الناس عند الله ، هذا من جهة ومن جهة ثانية هي دعوة الى التعارف بين الشعوب ومختلف تشكيلات الدوائر البشرية ، والتعارف حتى يترسخ يحتاج الى المحبة والإلفة والصدق والطهارة ، وبهذا يكون الدين قد أسس لمنع العداء بين الشعوب ، وهذا المنع هو منعٌ لكل ما يتبعه من البغض والحقد والكراهية والنزاعات والحروب…
وهذا النداء الإلهي موجه إلى البشرية كلها من غير تصنيف ولا تمييز ، حيث طلب الله من الناس تجسيد هذا النهج في حياتهم من أجل صلاحهم ونفعهم ..
ونفس هذه الدعوة تجري على مستوى المجتمع الصغير الذي يتمثل (بالأسرة).
فإذا كان البغض والحقد والكراهية منهيا عنها على مستوى المجتمع البشري برمته فلا شك بأن النهي شامل للمجتمع الصغير (الأسرة) وهناك قوانين كثيرة عُني بها المجتمع الأسري ومن أهمها :
إحترام الوالدين وصلة الرحم والحفاظ على الجار والأخ في الدين والنظير في الخلق …
ـ الإلتزام بتعاليم الدين :
بعد أن بين الله تعالى تعاليم الدين للناس بواسطة الأنبياء والرسل ودل عليه بالمعجزات والآيات العظيمة لم يعد ثمة من حجة للإنسان أن يفر من التكاليف الموجهة إليه ، وأصبح من المحتم عليه أن يلتزم بما أمره الله وإلا اعتبر عاصياً يستحق العقاب ، ومع التوعد بالعقاب لغير الملتزم يرفض الدين إستخدام العنف والإكراه ويأمر بالموعظة والكلمة الحسنة ... فقال تعالى : " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ".
وقال : "إدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ".
هكذا أراد الله وبهذا الأسلوب أن ينشر تعاليم دينه التي تصنع لنا حياة قد نجهل معانيها ولا ندرك أبعادها الا بعد النظر والتأمل وأحيانا التجربة .
ـــــــــــــــــــــــــ