سلبيات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بقلم الشيخ حسين عليان
أوحى الله تعالى إلى النبي شعيب (ع) قائلاً :
( لأعذين من قومك مائة ألفٍ ، أربعين ألفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم؟! فقال النبي (ع) : هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار ؟
قال : لأنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي ).
فنلاحظ في هذا الحديث القدسي الذي وصلنا بواسطة رويه عن النبي محمد (ص) أن العذاب طال الأخيار كما طال الأشرار ، والسبب أن الأخيار تخلوا عن دورهم الرسالي، فلم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، وداهنوا أهل المعاصي بسكوتهم أو مجاملتهم بما يؤدي إلى الكشف عن رضاهم بفعل الأشرار، وهذا السلوك جعلهم جميعاً في دائرة الغضب الإلهي ، وهذا الصنف يتكرر في المجتمعات رغم إختلاف الأزمنة والأمكنة ، فهناك أناس يتركون واجبهم الرسالي بغية الحفاظ على موارد العيش ، أو على سلامة أجسادهم وأرواحهم وما شابه ذلك من المصالح الدنيوية ، وهذا في الحقيقة وهمٌ كبيرٌ بحسب ما يبينه الإمام علي (ع) عندما يقول : ( إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان أجلاً ولا يقطعان رزقاً ).
وكما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوبٌ من الفرد فهو مطلوبٌ من المجتمع أيضاً وهذه النقطة تجعلنا في زاوية الحديث عن المجتمع الذي يرضى ولو بقلبه بالمنكر ولا يتحرك للمواجهة خوفاً أو جبناً ومداهنة كما جاء في الحديث القدسي السالف ، مثلاً فالمجتمع في زمن ثورة الإمام الحسين (ع) بأغلبيته الساحقة سكت عن المنكر خوفاً وجبناً وطمعاً ومداهنة ، وفي مثل هذا الحال يكون كل فردٍ قادرٍ على التحرك ولم يتحرك شريكاً في الجريمة وما يترتب عليها من إثمٍ. والنبي (ص) كان يحذر من سكوت الساكت عن المنكر، وحدثنا عن زمنٍ تولد فيه الفتن وينـتشرفيه الشر وتترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل أعظم من ذلك فإن أبناء ذلك الزمان يرون المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، فقال (ص) : ( كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر .
قيل يا رسول الله (ص) ويكون ذلك ؟
قال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف . قيل ويكون ذلك يا رسول الله (ص) ؟
قال : نعم وشر من ذلك : كيف بكم إذارأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً .
وقال الإمام علي (ع) : ( يأتي على الناس زمانٌ لا يُقرب فيه إلا الماحل ( الساعي في الناس بالوشاية عند السلطان ) ولا يُظرف فيه إلا الفاجر ولا يُضعف فيه إلا المنصف يعدون الصدقة فيه غرماً وصلة الرحم مَنَّاً والعبادة إستطالة على الناس فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان ).
إذاً الأخبار المروية عن النبي (ص) والأئمة (ع) تحدثنا عن زمنٍ يظهر فيه المنكر وفاعله، ويغيب الناهي عنه، والراضي بالمنكر كفاعله يعمه الله بالسخط والعذاب كما قال أمير المؤمنين (ع) :
( وإنما عقر ناقة ثمودٍ رجلٌ واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا ) .
فقتل الناقة جريمة إرتكبها بالفعل رجل واحدٌ والعذاب شمل جميع أهل القرية، والسبب لأنهم شاركوا القاتل بالرضا فعمهم الله بالعذاب .