الدعوة الإسلامية ومراحلها ـ
بقلم الشيخ حسين عليان ـ للمرحلة المتوسطة
لدى تتبعنا الأحداث التارخية للدعوة الإسلامية بقيادة النبي محمد (ص) نجد أن هذه الدعوة منذ بعثت النبي (ص) وإلى وفاته قد مرت بثلاث مراحل وهي على الشكل التالي :
- المرحلة الأولى :
النبي محمد (ص) كان إنساناً مميزاً في مجتمعه على مستوى السلوك الأخلاقي حتى عرف بين الناس بالصادق الأمين ، وكان يرفض عبادة الأصنام والأوثان ويلجأ إلى التأمل والتفكر من أجل الوصول إلى معرفة الخالق العظيم لهذا الكون وما فيه إلى أن نزل عليه الوحي في غار حراء ، وبذلك تكون قد بدأت المرحلة الأولى للدعوة الإسلامية .
- في هذه المرحلة شكل النبي (ص) النواة الأولى لتحمل المسؤولية وكان عديد الذين دخلوا دائرة الإيمان ما يقارب الأربعين من النساء والرجال عامتهم من الفقراء والمحرومين .
وقد تميزت المرحلة الأولى بالسرية ليس خوفاً على حياة النبي (ص) فقط بل الخوف أيضاً على مستقبل الدعوة .
ـ الفائدة من سرية الدعوة :
1- عدم تعريض الطليعة الأولى لأي خطر يهددهم ويفكك ارتباطهم بالرسالة .
2- إعداد المجموعات المؤمنة التي يمكنها الوقوف بوجه الشرك وتعسف قريش .
بعد ثلاث سنوات من العمل السري وجد النبي أن القوة العقائدية والمعنوية وعنصر الحماية أصبح متوفراً خاصة عندما تبنى الدفاع عن الدعوة الإسلامية بعض أقرباء النبي (ص) من شيوخ ووجهاء قريش فأمره الله تعالى في هذه المرحلة الجهر بالدعوة والإنتقال من المرحلة السرية إلى المرحلة العلانية .
ـ المرحلة الثانية :
أعلن النبي (ص) عن دعوته على الملأ وكما عرفت أن صاحب الدعوة لم تعرفه الناس إلا صادقاً ولكن دعوته إياهم إلى ترك عبادة الأصنام لم يكن بالأمر المقبول فواجه اعتراضاً كبيراً ووقفت قريش موقفاً الرافض لهذه الدعوة .في هذه المرحلة بدأت قريش بالمضايقات للنبي (ص) وطلبت منه التراجع عن دعوته وبالمقابل رفض النبي (ص) رفضاً مطلقاً كل المطالب القرشية رغم ما تحمله من إغراءات أو تهديدات وهذا ما جعل قريش توسع مضايقتها حتى بلغ أعلى مراتب الأذى في ظل هذه الظروف الصعبة شعر النبي (ص) أن الدعوة كادت تتعرض للجمود بل للخطر فقرر الذهاب إلى الطائف لنشر دعوته هناك والإستعانة بزعمائها ، إلا أن أهل الطائف واجهوا النبي (ص) بالرفض ورموه بالحجارة والشتائم فتبين أيضاً أن هذا المكان غير صالح ليكون البديل عن مكة فعلى المستوى الجغرافي الطائف لا تبعد عن مكة مسافة كبيرة فأهلها يتواصلون مع مكة بيسرٍ وسهولة وهذا قد يؤثر على حركة الدعوة في موقعها الجديد ، من هنا كان لا بد من التفكير بموقع آخر ليكون البديل عن مكة .ـ المرحلة الثالثة :
مارست قريش أبشع أنواع التعذيب والملاحقة للنبي (ص) ووصل بهم الأمر الى التفكير بالحل النهائي للتخلص من صاحب الدعوة بالقتل فهاجر النبي (ص) إلى يثرب مع مجموعة من المسلمين واستبقى علياً (ع) في مكة لينجز ما كلفه به ومن ثم يلحق بالمهاجرين .
نجح النبي (ص) باختيار يثرب مكاناً بديلاً عن مكة وتمكن أن يتسلم زمام قيادتها ليصبح أول قائدٍ في هذا المجتمع الجديد .
بدأ النبي (ص) بممارسة دوره في كل المجالات السياسية والإقتصادية والإدارية والقضائية من موقع رسالته الدينية .وبما أن الصراع بينه وبين المشركين مستمر لا بد من إعداد عنصر الدفاع فارتكز في ذلك على إعداد جيشٍ يتمتع بالقدرات العسكرية التي تمكنه من الوقوف بوجه الإعتداءات المحتمل صدورها من قبل الأعداء .
خاض الجيش الإسلامي بقيادة النبي محمد (ص) حروباً كثيرة في الأغلب هي حروب دفاعية أو وقائية ، وبعد أن اشتد ساعد المسلمين أخذ النبي (ص) قراراً في السنة الثامنة للهجرة بدخول مكة وكان ذلك بعد أن خرقت قريش الصلح الموقع بينها وبين النبي (ص) .
تمكن النبي محمد (ص) من دخول مكة من غير أن تراق قطرة دم ، وأعلن عفواً عاماً عن جميع الناس حتى الذين حاربوه وآذوه .
بقي من مهمات الدعوة تعيين المرجع الأعلى للأمة الذي سيتابع دور النبي (ص) بعد موته ، وفي هذا المجال صدر عن النبي (ص) تصريحاً واضحاً في آخر حجة له حيث أعلن في منطقة غدير خم أن علي بن أبي طالب (ع) خليفته الذي سيقع على عاتقه القيام بهذه المهمة الرسالية ومما قاله : اللهم ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من ولاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار
وبهذا البلاغ يكون النبي (ص) قد بلغ تمام ما أنزل إليه من ربه في يومٍ أكمل فيه الدين وأتمت فيه النعمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ حسين عليان 1997م
دروس المرحلة المتوسطة