صولة الدهرـــــــــــــــ
سيدي ..
لقد ظهرت العلامة لمتوسمها ..
ولا زال صدى صوتك يتردد هاتفاً ..
ما لي أراكم أشباحاً بلا أرواح ، وأرواحاً بلا أشباح !
هم أنفسهم يا سيدي يستعيدون الحكاية ..
وينهضون بصور تلك الأجساد ..
يحملون ما كانت تحمل .. ويعملون بالذي كانت تعمل ..
نساكاً بلا صلاح وتجاراً بلا أرباح ..
حضورهم كالغائب ويقظتهم كالنائم ..
سلكت بهم الدنيا طريق العمى وأخذت بأسماعهم وألسنتهم عن منار الهدى ..
هم كأهل البحار والغابات ضعيفٌ يأكله قوي ، وذليلٌ يقهره عزيز ..
خلفك أردد يا سيدي نفس الكلمات وكأني بك اليوم تخاطبنا ..
لقد أخذ الباطل مأخذه وركب الجهل مركبه ، وعظمت الطاغية وقلت الداعية وصال
الدهر صيال السبع العقور وتواخى الناس على الفجور وتهاجروا على الدين وتحابوا على
الكذب وتباغضوا على الصدق ، فإذا كان ذلك .. كان أهل ذلك الزمان ذئاباً .. وسلاطينه
سباعاً .. وأوساطه أُكَّالاً .. وفقراؤه أمواتاً.. وغار الصدق .. وفاض الكذب .. واستعملت المودة
باللسان .. وتشاجر الناس بالقلوب .. وصار الفسوق نسباً .. والعفاف عجباً .. ولبس الإسلام
لُبس الفرو مقلوباً .
هي كلماتك سيدي أحملها لواء ً غير خائف وكيف أخاف ومما أخاف وأنت من
علمنا أن النطق بالحق لا يُقرب أجلاً ولا يقطع رزقاً ..
كيف أخاف وأنت من أمرنا أن نقول كلمة الحق من غير أن تأخذنا في الله لومة
لائم ..