الإمام الحسين (ع):للشيخ ابن عائض
المقامة الحسينية للشيخ عائض القرني
رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
مرحباً يا عراق جئت أغنيك وبعض من الغناء بكاء
فجراح الحسين بعض جراحي...... وبصدري من الأسى كربلاء
أنا سُنيّ حسينيّ ، جعلت ترحمي عليه مكان أنيني ، أنا أحب السبطين ، لكني أقدم الشيخين ، ليس من لوازم حب الشمس أن تكره القمر ، وموالاة الحسن والحسين يقتضي موالاة أبي بكر وعمر ، لأنه يحبهم ويحبونه ، ويحترمهم ويحترمونه .
قاتل الله عبيد الله ابن زياد ، يحرّج على رؤوس العظماء في سوق المزاد .
الحسين لا يمجد بضريح ، ولا بالإسراف في المديح . لكننا نصدق في حبه ، إذا اتبعنا جَدَّه ، وحملنا وُدَّه ، وليس بأن نعكف عنده .
بعض الناس ذبابة ، يجفو القرابة ، ويسب الصحابة .
جاؤا برأسك يا ابن بنت محمد...... متـزمـلاً بدمائه تزميلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما......قتلوا بك التكبير والتهليلا
تركوك في الصحراء ثم كأنما......قتلوا بقتلك عامدين رسولا
أنا أعلن صرخة الاحتجاج ، ضد ابن زياد والحجاج ، يا أرض الظالمين ابلعي ماءك، ويا ميادين السفاحين اشربي دماءك .
آه ما أطوله من يوم للقتله ، إذا جاء المقتول ومن قتله ، في يوم لا يكون الحاكم فيه إلا الواحد ، ولا المُلْك إلا للماجد ، وقد خاب فيه الجاحد المعاند .
الحسين شهيد ، على رغم أنف العنيد ، ما قتل وما نهب ، وما ظلم وما سلب .
وقد أخطأ ابن خلدون حينما نقل أن الحسين قتل بسيف الشريعة ، وهذا النقل من الأمور الشنيعة ، بل قال شيخ الإسلام ، علم الأعلام : قتل الحسين بسيف الظلم والعدوان ، وقتله مصيبة يؤجر عليها من استرجع من أهل الإيمان : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وإنا لرسوله عند المصائب لتابعون .
ألا إن عينا لم تجد يوم واسط .......عليك بغالي دمعها لجمود
في كربلاء ، كرب وبلاء ، على ثراها قلب ذكي ، ودم زكي .
كأن قتلك يا ابن الطيبين لنا.......سيف من البغي في الأعناق مشهورُ
كأنما دفنوا الإسلام في كفن......من المصاحفِ حاكته المقَاديرُ
الحسين على نهج جده محمد ، وعلى مذهب أبيه المسدد ، تقوى تمنع من الانحراف ، وعَدْل يحمل على الإنصاف . ولو أن الحسين صاحب دنيا ، لما بكينا ، ولو أنه طالب جاه ما اشتكينا ، لكنّه من البيت الطاهر ، صاحب النسب الباهر ، أمانته رصينة ،
وأخلاقه حصينة .
عفاء على دنيا رحلت لغيرها........فليس بها للصالحين معرّج
كدأب عليٍّ في المواطن كلها ........ أبي حسنٍ والغصن من حيث يخرج
صح الخبر في السنة ، أن الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ، فإذا قتل السيد كيف حال المسود ، وضحية الحاسد هو المحسود ، وقال جدهما المعصوم : هما ريحانتاي من الدنيا ، فهم بهذه التزكية في الدرجة العليا ، والريحانة تشم ولا تقطع ، وتمسح ولا تقلع ، جاءوا بالرأس إلى ابن زياد في العراق ، والدم مهراق ، ثم لم تبك للظلمة عيون ، ولم تتحرك شجون ، وهذا برهان على أن قلوب الظلمة كالحجارة ، وأن نفوسهم ملأت بالمرارة .
إذا لم تبك من هذي الرزايا...... ولم تفجَعْك قاضية القضايا
فمت كمداً فما في العيش خير ...... إذا جمع البرايا كالمطايا
لما أغمد سيف الجهاد ، سله ابن زياد ، على العلماء والعباد . لو كانت الأمة شاركت في قتل الحسين لكانت ظالمة ، ولو رضيت بذلك لأصبحت آثمة ، وقعت الأمة بين فكي زياد ويزيد ، يدوسون الجماجم ويقولون : هل من مزيد ، وتصفق له أراذل العبيد . ليل الحسين صلاة وخشوع وبكاء ، وليلهم رقص وطرب وغناء ، نهار الحسين تلاوة وذكر وصيام ، ونهارهم لهو وعشق وغرام . ولهذا وقع الخلاف وعدم الإنصاف .
إذا عَيّر الطائـيَّ بالبخـل ما درٌ .... وعيَّر قِسّـاً بالفهاهة باقـلُ
وقال الدجى للشمس أنت كسيفة .... وقال السهى للبدر وجهك حائلُ
فيا موت زُرْ إن الحياة ذميمة ..... ويا نفس جدي إن دهرك هازلُ
يا أهل العقول ، إن قتل سبط الرسول ، وابن البتول ، أمر مهول ، فلا تخبروا أعداء الملة ، بهذه الزلة فإنها للأمة ذلة . الحسين ليس بحاجة إلى وضع أشعار ، ولكن إلى رفع شعار ، دعنا من ترديد القصيد ، والتباكي بالنشيد ، ولكن تابع الحسين في تجريد التوحيد ، وتوقير الشيخين أهل الرأي الرشيد .
العظماء يقتلون بالسيف أعزاء ، والظلمة يموتون على فرشهم أذلاء جبناء ،
فالعظيم قتل بتذكية شرعية ، والجبان مات ميتة بدعية . حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ .
تأخرتُ أستبقي الحياة فلم أجد...... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا...... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
فاتت الحسين الشهادة في بدر لأنه صغير ، فعوضه الله بها في صحراء العراق وهو كبير ، الرجل يريد أن يكتب اسمه بدم ، وهو يحب البيع لا السَّلم ، ومن يشابه أبه فما ظلم . الذين ينوحون على الحسين ويقولون قتل وهو مظلوم ، قلنا هذا أمر معلوم ، ولكن كفاكم بالنياحة جهلا . فهل كان قتل عمر وعثمان وعلي عدلا ، النياحة في الدين غير مباحة ، لأنها مخالفة للمأمور ، وفعل للمحظور ، وتسخط بالمقدور ، لو لم يقتل الحسين لمات . أفتنوحون عليه وقد كسب عز الحياة . وسعادة الوفاة
علوٌّ في الحياة وفي الممات...بحقٍ أنت إحدى المعجزات
من أحب الحسين فليفعل فعله في حفظ الدين ، وكراهية الظالمين ، وحب المساكين
رحم الله السبطين ، الحسن والحسين ، وعليا وفاطمة أكرموا الدين .
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، وآله وصحبه أجمعين .